فصل: كتاب الْبُيُوعِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ***


كتاب الْبُيُوعِ

الْكَلَامُ في هذا الْكتاب في الْأَصْلِ في مَوَاضِعَ في بَيَانِ رُكْنِ الْبَيْعِ وفي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ وفي بَيَانِ أَقْسَامِ الْبَيْعِ وفي بَيَانِ ما يُكْرَهُ من الْبِيَاعَاتِ وما يَتَّصِلُ بها وفي بَيَانِ حُكْمِ الْبَيْعِ وفي بَيَانِ ما يَرْفَعُ حُكْمَ الْبَيْعِ أما رُكْنُ الْبَيْعِ فَهُوَ مُبَادَلَةُ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ وَذَلِكَ قد يَكُونُ بِالْقَوْلِ وقد يَكُونُ بِالْفِعْلِ أَمَّا الْقَوْلُ فَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ في عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَالْكَلَامُ في الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ في مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا في صِيغَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالثَّانِي في صِفَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ قد يَكُونُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وقد يَكُونُ بِصِيغَةِ الْحَالِ‏.‏

أَمَّا بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُ وَيَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ فَيَتِمَّ الرُّكْنُ لِأَنَّ هذه الصِّيغَةَ وَإِنْ كانت لِلْمَاضِي وَضْعًا لَكِنَّهَا جُعِلَتْ إيجَابًا لِلْحَالِ في عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَالْعُرْفُ قَاضٍ على الْوَضْعِ وَكَذَا إذَا قال الْبَائِعُ خُذْ هذا الشَّيْءَ بِكَذَا أو أَعْطَيْتُكَهُ بِكَذَا أو هو لك بِكَذَا أو بَذَلْتَكَهُ بِكَذَا وقال الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ أو أَخَذْتُ أو رَضِيتُ أو هَوَيْتُ وَنَحْوَ ذلك فإنه يَتِمُّ الرُّكْنُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من هذه الْأَلْفَاظِ يُؤَدِّي مَعْنَى الْبَيْعِ وهو الْمُبَادَلَةُ وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى لَا لِلصُّورَةِ‏.‏

وَأَمَّا صِيغَةُ الْحَالِ فَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبِيعُ مِنْكَ هذا الشَّيْءَ بِكَذَا وَنَوَى الْإِيجَابَ فقال الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ أو قال الْمُشْتَرِي أَشْتَرِي مِنْكَ هذا الشَّيْءَ بِكَذَا وَنَوَى الْإِيجَابَ وقال الْبَائِعُ أَبِيعُهُ مِنْكَ بِكَذَا وقال الْمُشْتَرِي اشتريه وَنَوَيَا الْإِيجَابَ يَتِمُّ الرُّكْنُ وَيَنْعَقِدُ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا النِّيَّةَ هَهُنَا وَإِنْ كانت صِيغَةُ أَفْعَلُ لِلْحَالِ هو الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا لِلِاسْتِقْبَالِ إمَّا حَقِيقَةً أو مَجَازًا فَوَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ بِالِاتِّفَاقِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَتَبِيعُ مِنِّي هذا الشَّيْءَ بِكَذَا أو أَبِعْتَهُ مِنِّي بِكَذَا فقال الْبَائِعُ بِعْتُ لَا يَنْعَقِدُ ما لم يَقُلْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ‏.‏

وَكَذَا إذَا قال الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِ مِنِّي هذا الشَّيْءَ بِكَذَا فقال اشْتَرَيْتُ لَا يَنْعَقِدُ ما لم يَقُلْ الْبَائِعُ بِعْتُ وَهَلْ يَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ وَهِيَ صِيغَةُ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْ عَبْدَكَ هذا مِنِّي بِكَذَا فَيَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُ قال أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ لا يَنْعَقِدُ ما لم يَقُلْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَكَذَا إذَا قال الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِ مِنِّي هذا الشَّيْءَ بِكَذَا فقال اشْتَرَيْتُ لَا يَنْعَقِدُ ما لم يَقُلْ الْبَائِعُ بِعْتُ عِنْدَنَا وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَنْعَقِدُ‏.‏

وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ هذه الصِّيغَةَ تَصْلُحُ شَطْرَ الْعَقْدِ في الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنْ من قال لِآخَرَ تَزَوَّجْ ابْنَتِي فقال الْمُخَاطَبُ تَزَوَّجْتُ أو قال زَوِّجْ ابْنَتَكَ مِنِّي فقال زَوَّجْتُ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ فإذا صَلُحَتْ هذه الصِّيغَةُ شَطْرًا في النِّكَاحِ صَلُحَتْ شَطْرًا في الْبَيْعِ لِأَنَّ الرُّكْنَ في كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا هو الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَلَنَا أَنَّ قَوْلَهُ بِعْ أو اشْتَرِ طَلَبُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَطَلَبُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا يَكُونُ إيجَابًا وَقَبُولًا فلم يُوجَدْ إلَّا أَحَدُ الشَّطْرَيْنِ فَلَا يَتِمُّ الرُّكْنُ وَلِهَذَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِكَوْنِ الِاسْتِفْهَامِ سُؤَالَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَا إيجَابًا وَقَبُولًا كَذَا هذا وَهَذَا هو الْقِيَاسُ في النِّكَاحِ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا في النِّكَاحِ بِنَصٍّ خَاصٍّ وهو ما رَوَى أبو يُوسُفَ أَنَّ بِلَالًا خَطَبَ إلَى قَوْمٍ من الْأَنْصَارِ فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ فقال لَوْلَا أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي أَنْ أَخْطُبَ إلَيْكُمْ لم أَخْطُبْ فَقَالُوا له أَمَلَكْتَ ولم يُنْقَلْ أَنَّ بِلَالًا رضي اللَّهُ عنه قال قَبِلْتُ فَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ هُنَاكَ بِالنَّصِّ وَلَا نَصَّ في الْبَيْعِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ وَلِأَنَّ هذه الصِّيغَةَ مُسَاوَمَةٌ حَقِيقَةً فَلَا تَكُونُ إيجَابًا وَقَبُولًا حَقِيقَةً بَلْ هِيَ طَلَبُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَلَا بُدَّ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ من لَفْظٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَيْهِمَا وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ هذه الصِّيغَةِ على الْمُسَاوَمَةِ في باب النِّكَاحِ‏.‏

لِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ لَا تُوجَدُ في النِّكَاحِ عَادَةً فَحُمِلَتْ على الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ على أَنَّ الضَّرُورَةَ تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْقَائِلِ زَوِّجْ ابْنَتَكَ مِنِّي شَطْرَ الْعَقْدِ فَلَوْ لم تُجْعَلْ شَطْرَ الْعَقْدِ لَتَضَرَّرَ بِهِ الْوَلِيُّ لِجَوَازِ أَنْ يُزَوِّجَ وَلَا يَقْبَلُ الْمُخَاطَبُ فَيَلْحَقَهُ الشَّيْنُ فَجُعِلَتْ شَطْرًا لِضَرُورَةِ دَفْعِ الضَّرَرِ عن الْأَوْلِيَاءِ وَهَذَا الْمَعْنَى في باب الْبَيْعِ مُنْعَدِمٌ فَبَقِيَتْ سُؤَالًا فَلَا يَتِمُّ بِهِ الرُّكْنُ ما لم يُوجَدْ الشَّطْرُ الْآخَرُ وَأَمَّا صِفَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَهُوَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا قبل وُجُودِ الْآخَرِ فَأَحَدُ الشَّطْرَيْنِ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يَلْزَمُ قبل وُجُودِ الشَّطْرِ الْآخَرِ حتى إذَا وُجِدَ أَحَدُ الشَّطْرَيْنِ من أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِلْآخَرِ خِيَارُ الْقَبُولِ وَلَهُ خِيَارُ الرُّجُوعِ قبل قَبُولِ الْآخَرِ لِمَا رُوِيَ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ ما لم يَفْتَرِقَا عن بَيْعِهِمَا وَالْخِيَارُ الثَّابِتُ لَهُمَا قبل التَّفَرُّقِ عن بَيْعِهِمَا هو خِيَارُ الْقَبُولِ وَخِيَارُ الرُّجُوعِ وَلِأَنَّ أَحَدَ الشَّطْرَيْنِ لو لَزِمَ قبل وُجُودِ الْآخَرِ لَكَانَ صَاحِبُهُ مَجْبُورًا على ذلك الشَّطْرِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ‏.‏

وَأَمَّا الْمُبَادَلَةُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ التَّعَاطِي وَيُسَمَّى هذا الْبَيْعُ بَيْعَ الْمُرَاوَضَةِ وَهَذَا عِنْدَنَا وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي لِأَنَّ الْبَيْعَ في عُرْفِ الشَّرْعِ كَلَامُ إيجَابٍ وَقَبُولٍ فَأَمَّا التَّعَاطِي فلم يُعْرَفْ في عُرْفِ الشَّرْعِ بَيْعًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ التَّعَاطِيَ يَجُوزُ في الْأَشْيَاءِ الْخَسِيسَةِ وَلَا يَجُوزُ في الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ وَرِوَايَةُ الْجَوَازِ في الْأَصْلِ مُطْلَقٌ عن هذا التَّفْصِيلِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ لِأَنَّ الْبَيْعَ في اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ اسْمٌ لِلْمُبَادَلَةِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ بِشَيْءٍ مَرْغُوبٍ وَحَقِيقَةُ الْمُبَادَلَةِ بِالتَّعَاطِي وهو الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ وَإِنَّمَا قَوْلُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ دَلِيلٌ عَلَيْهِمَا‏.‏

وَالدَّلِيلُ عليه قَوْلُهُ عز وجل‏:‏ ‏{‏إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عن تَرَاضٍ مِنْكُمْ‏}‏ وَالتِّجَارَةُ عِبَارَةٌ عن جَعْلِ الشَّيْءِ لِلْغَيْرِ بِبَدَلٍ وهو تَفْسِيرُ التَّعَاطِي وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فما رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وما كَانُوا مُهْتَدِينَ‏}‏ أَطْلَقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اسْمَ التِّجَارَةِ على تَبَادُلٍ ليس فيه قَوْلُ الْبَيْعِ وقال اللَّهُ عز وجل‏:‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لهم الْجَنَّةَ‏}‏ سَمَّى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُبَادَلَةَ الْجَنَّةِ بِالْقِتَالِ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى اشْتِرَاءً وَبَيْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى في آخِرِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الذي بَايَعْتُمْ بِهِ‏}‏ وَإِنْ لم يُوجَدْ لَفْظُ الْبَيْعِ‏.‏ وإذا ثَبَتَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمُبَادَلَةِ بِالتَّعَاطِي وهو الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ فَهَذَا يُوجَدُ في الْأَشْيَاءِ الْخَسِيسَةِ وَالنَّفِيسَةِ جميعا فَكَانَ التَّعَاطِي في كل ذلك بَيْعًا فَكَانَ جَائِزًا‏.‏

فصل شَرَائِطِ الرُّكْنِ

وَأَمَّا شَرَائِطُ الرُّكْنِ فَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى مَعْرِفَتِهَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَقْسَامِ الْبِيَاعَاتِ لِأَنَّ منها ما يَعُمُّ الْبِيَاعَاتِ كُلَّهَا وَمِنْهَا ما يَخُصُّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَنَقُولُ الْبَيْعُ في الْقِسْمَةِ الْأُولَى يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إلَى الْحُكْمِ أَمَّا الذي يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلِ فَيَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إلَى الْبَدَلَيْنِ وَالْآخَرُ يَرْجِعُ إلَى أَحَدِهِمَا وهو الثَّمَنُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَقُولُ الْبَيْعُ في حَقِّ الْبَدَلَيْنِ يَنْقَسِمُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وهو بَيْعُ السِّلَعِ بِالسِّلَعِ وَيُسَمَّى بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ وَبَيْعُ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ وهو بَيْعُ السِّلَعِ بِالْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَبَيْعُهَا بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ وَبِالْمَكِيلِ الْمَوْصُوفِ في الذِّمَّةِ وَالْمَوْزُونِ الْمَوْصُوفِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ الْمَوْصُوفِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وهو السَّلَمُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وهو بَيْعُ الثَّمَنِ الْمُطْلَقِ بِالثَّمَنِ الْمُطْلَقِ وهو الصَّرْفُ‏.‏

فَأَمَّا الذي يَرْجِعُ إلَى أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وهو الثَّمَنُ فَيَنْقَسِمُ في حَقِّ الْبَدَلِ وهو الثَّمَنُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ وهو مُبَادَلَةُ الْمَبِيعِ بِأَيِّ ثَمَنٍ اُتُّفِقَ وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ وهو مُبَادَلَةُ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةِ رِبْحٍ وَبَيْعُ التَّوْلِيَةِ وهو الْمُبَادَلَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ من غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَبَيْعُ الِاشْتِرَاكِ وهو التَّوْلِيَةُ لَكِنْ في بَعْضِ الْمَبِيعِ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَبَيْعُ الْوَضِيعَةِ وهو الْمُبَادَلَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مع نُقْصَانِ شَيْءٍ منه وَأَمَّا الْقِسْمُ الذي يَرْجِعُ إلَى الْحُكْمِ فَنَذْكُرُهُ في باب حُكْمِ الْبَيْعِ إن شاء الله تعالى‏.‏ وإذا عَرَفْتَ أَقْسَامَ الْبِيَاعَاتِ فَنَذْكُرُ شَرَائِطَهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ بَعْضُهَا شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ النَّفَاذِ وهو ما لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِدُونِهِ وَإِنْ كان قد يَنْعَقِدُ التَّصَرُّفُ بِدُونِهِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ الصِّحَّةِ وهو ما لَا صِحَّةَ له بِدُونِهِ وَإِنْ كان قد يَنْعَقِدُ وَيَنْفُذُ بِدُونِهِ وَبَعْضُهَا شَرْطُ اللُّزُومِ وهو ما لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ وَإِنْ كان قد يَنْعَقِدُ وَيَنْفُذُ بِدُونِهِ‏.‏

أَمَّا شَرَائِطُ الِانْعِقَادِ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى مَكَانِ الْعَقْدِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعْقُودِ عليه أَمَّا الذي يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ فَنَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الذي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ شَرْطُ انْعِقَادِ التَّصَرُّفِ وَالْأَهْلِيَّةُ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ الْعَقْلِ فَلَا يَثْبُتُ الِانْعِقَادُ بِدُونِهِ فَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ عِنْدَنَا حتى لو بَاعَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مَالَ نَفْسِهِ يَنْعَقِدُ عِنْدَنَا مَوْقُوفًا على إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَعَلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ شَرْطٌ فَلَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الصَّبِيِّ عِنْدَهُ أَصْلَا وَكَذَا ليس بِشَرْطِ النَّفَاذِ في الْجُمْلَةِ حتى لو تَوَكَّلَ عن غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَعِنْدَهُ لَا يَنْفُذُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ كتاب الْمَأْذُونِ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَا لِنَفَاذِهِ حتى يَنْفُذَ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَنْعَقِدُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ إذَا بَاعَ مَالَ مَوْلَاهُ مَوْقُوفًا على إجَازَتِهِ عِنْدَنَا وَكَذَا الْمِلْكُ أو الْوِلَايَةُ ليس بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ عِنْدَنَا بَلْ هو شَرْطُ النَّفَاذِ حتى يَتَوَقَّفَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَعِنْدَهُ شَرْطٌ حتى لَا يَتَوَقَّفَ أَصْلًا وَالْمَسْأَلَةُ تَأْتِي في مَوْضِعِهَا وَكَذَا إسْلَامُ الْبَائِعِ ليس بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَا لِنَفَاذِهِ وَلَا لِصِحَّتِهِ بِالْإِجْمَاعِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْكَافِرِ وَشِرَاؤُهُ‏.‏

وقال الشَّافِعِيُّ إسْلَامُ الْمُشْتَرِي شَرْطُ جَوَازِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ وَالْمُصْحَفِ حتى لَا يَجُوزَ ذلك من الْكَافِرِ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ في تَمَلُّكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ إذْلَالًا بِالْمُسْلِمِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلِهَذَا يُجْبَرُ على بَيْعِهِ عِنْدَكُمْ وَلَنَا عُمُومَاتُ الْبَيْعِ من غَيْرِ فصل بين بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ من الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ بَيْعِهِ من الْكَافِرِ فَهُوَ على الْعُمُومِ إلَّا حَيْثُ ما خُصَّ بِدَلِيلٍ وَلِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْكَافِرِ بِالشِّرَاءِ ليس إلَّا الْمِلْكُ في الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرُ من أَهْلِ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكُ له على الْمُسْلِمِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَافِرَ يَرِثُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ من أبيه وَكَذَا إذَا كان له عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ بَقِيَ مِلْكُهُ فيه وهو الْحَقِيقَةِ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ لِأَنَّ الْمِلْكَ عَرَضٌ لَا بَقَاءَ له فَدَلَّ أَنَّ الْكَافِرَ من أَهْلِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ له في الْمُسْلِمِ‏.‏

وَقَوْلُهُ فيه إذْلَالٌ بِالْمُسْلِمِ قُلْنَا الْمِلْكُ عِنْدَنَا لَا يَظْهَرُ فِيمَا فيه إذْلَالٌ بِالْمُسْلِمِ فإنه لَا يَظْهَرُ في حَقِّ الِاسْتِخْدَامِ وَالْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْجَارِيَةِ الْمُسْلِمَةِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَا ذُلَّ فيه من الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكتابةِ وَالْبَيْعِ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجَبْرَ على الْبَيْعِ ليس لِدَفْعِ الذُّلِّ إذْ لَا ذُلَّ على ما بَيَّنَّا وَلَكِنْ لِاحْتِمَالِ وجوده ‏[‏وجود‏]‏ فِعْلٍ لَا يَحِلُّ ذلك في الْإِسْلَامِ لِعَدَاوَةِ بين الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وإذا جَازَ شِرَاءُ الذِّمِّيِّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ فَيَجُوزُ إعْتَاقُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَاسْتِيلَادُهُ وكتابه ‏[‏وكتابته‏]‏ لِأَنَّ جَوَازَ هذه التَّصَرُّفَاتِ مَبْنِيٌّ على الْمِلْكِ وقد وُجِدَ إلَّا أَنَّهُ دَبَّرَهُ يَسْعَى الْعَبْدُ في قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إبْقَائِهِ على مِلْكِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْإِزَالَةِ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَتَعَيَّنَتْ الْإِزَالَةُ بِالسِّعَايَةِ وَكَذَا إذَا كانت أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا فَإِنَّهَا تَسْعَى في قِيمَتِهَا لِمَا قُلْنَا وَيُوجَعُ الذِّمِّيُّ ضَرْبًا لِوَطْئِهِ الْمُسْلِمَةَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ عليه فَيَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ وإذا كَاتَبَهُ لَا يَعْتَرِضُ عليه لِأَنَّهُ أَزَالَ يَدَهُ عنه حتى لو عَجَزَ وَرُدَّ في الرِّقِّ يُجْبَرُ على بَيْعِهِ وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا مَلَكَ شِقْصًا فَالْحُكْمُ في الْبَعْضِ كَالْحُكْمِ في الْكُلِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ من الْكَافِرِ شِرَاءً فَاسِدًا فإنه يُجْبَرُ على الرَّدِّ لِأَنَّ رَدَّ الْفَسَادِ وَاجِبٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَافِرُ على بَيْعِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ‏.‏

وكذا النُّطْقُ ليس بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا لِنَفَاذِهِمَا وَصِحَّتِهِمَا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَخْرَسِ وَشِرَاؤُهُ إذَا كانت الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً في ذلك لِأَنَّهُ إذَا كانت الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً في ذلك قَامَتْ الْإِشَارَةُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ هذا إذَا كان الْخَرَسُ أَصْلِيًّا بِأَنْ وُلِدَ أَخْرَسَ فَأَمَّا إذَا كان عَارِضًا بِأَنْ طَرَأَ عليه الْخَرَسُ فَلَا إلَّا إذَا دَامَ بِهِ حتى وَقَعَ الْيَأْسُ من كَلَامِهِ وَصَارَتْ الْإِشَارَةُ مَفْهُومَةً فَيُلْحَقُ بِالْأَخْرَسِ الْأَصْلِيِّ وَالثَّانِي الْعَدَدُ في الْعَاقِدِ فَلَا يَصْلُحُ الْوَاحِدُ عَاقِدًا من الْجَانِبَيْنِ في باب الْبَيْعِ إلَّا الْأَبَ فِيمَا يَبِيعُ مَالَ نَفْسِهِ من ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أو بِمَا يَتَغَابَنُ الناس فيه عَادَةً أو يَشْتَرِي مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ ذلك أَيْضًا وهو قَوْلُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْحُقُوقَ في باب الْبَيْعِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَلِلْبَيْعِ حُقُوقٌ مُتَضَادَّةٌ مِثْلُ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَالْمُطَالَبَةِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ في زَمَانٍ وَاحِدٍ مُسَلِّمًا وَمُتَسَلِّمًا طَالِبًا وَمُطَالَبًا وَهَذَا مُحَالٌ وَلِهَذَا لم يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ وَكِيلًا من الْجَانِبَيْنِ في باب الْبَيْعِ لِمَا ذَكَرْنَا من الِاسْتِحَالَةِ وَيَصْلُحُ رَسُولًا من الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ الرَّسُولَ لَا تَلْزَمُهُ الْحُقُوقُ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِحَالَةِ وكذا ‏[‏وكدا‏]‏ الْقَاضِي يَتَوَلَّى الْعَقْدَ من الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ وَبِخِلَافِ الْوَكِيلِ في باب النِّكَاحِ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ فَكَانَ سَفِيرًا مَحْضًا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ‏.‏

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‏}‏ فَيَمْلِكُهُ الْأَبُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَبِمَا يَتَغَابَنُ الناس فيه عَادَةً قد يَكُونُ قُرْبَانًا على وَجْهِ الْأَحْسَنِ بِحُكْمِ الْحَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ لَا يَفْعَلُ ذلك إلَّا في تِلْكَ الْحَالِ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ فَكَانَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِذَلِكَ قُرْبَانًا على وَجْهِ الْأَحْسَنِ وَقَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِحَالَةِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ فإنه يُجْعَلُ كَأَنَّ الصَّبِيَّ بَاعَ أو اشْتَرَى بِنَفْسِهِ وهو بَالِغٌ فَتَعَدَّدَ الْعَاقِدُ حُكْمًا فَلَا يُؤَدِّي إلَى الِاسْتِحَالَةِ وَأَمَّا الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ من الصَّغِيرِ أو اشْتَرَى مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ لم يَكُنْ فيه نَفْعٌ ظَاهِرٌ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كان فيه نَفْعٌ ظَاهِرٌ جَازَ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَهُ أَصْلًا من الْأَبِ وَالْوَصِيِّ جميعا لِمَا ذَكَرْنَا من الِاسْتِحَالَةِ إلَّا أَنَّ الْأَبَ لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ جَعَلَ شَخْصَهُ الْمُتَّحِدَ حَقِيقَةً مُتَعَدِّدًا ذَاتًا وَرَأْيًا وَعِبَارَةً وَالْوَصِيُّ لَا يُسَاوِيهِ في الشَّفَقَةِ فَبَقِيَ الْأَمْرُ فيه على أَصْلِ الْقِيَاسِ‏.‏

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ إذَا كان فيه نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلْيَتِيمِ قُرْبَانُ مَالِهِ على وَجْهِ الْأَحْسَنِ فَيَمْلِكُهُ بِالنَّصِّ قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُ الْوَصِيِّ بِالْأَبِ لِقُصُورِ شَفَقَتِهِ قُلْنَا الْوَصِيُّ له شَبَهَانِ شَبَهٌ بِالْأَبِ وَشَبَهٌ بِالْوَكِيلِ أَمَّا شَبَهُهُ بِالْوَكِيلِ فَلِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا وَشَبَهُهُ بِالْأَبِ لِكَوْنِهِ مَرْضِيَّ الْأَبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ما رضي بِهِ إلَّا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ على الصَّغِيرِ فَأَثْبَتْنَا له الْوِلَايَةَ عِنْدَ ظُهُورِ النَّفْعِ عَمَلًا بِشَبَهِ الْأَبِ وَقَطَعْنَا وِلَايَتَهُ عِنْدَ عَدَمِهِ عَمَلًا بِشَبَهِ الْوَكِيلِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ‏.‏